6- [الأمر بالصبر في دولة الباطل وثوابه]

6- [الأمر بالصبر في دولة الباطل وثوابه]

في أصل زيد الزراد [الصراد] -وهو من الأصول المشهورة التي أخذ منها المتقدمون وقام التتبع على إثبات اتحادها مع المصادر الأولية للحديث- في حديث عن أبي الحسن موسى عليه السلام:
" وَ أَدْنَى‏مَا يُصَفَّى بِهِ وَلِيُّنَا أَنْ يُرِيَهُ اللَّهُ رُؤْيَا مَهُولَةً، فَيُصْبِحَ حَزِيناً لِمَا رَأَى، فَيَكُونَ ذَلِكَ كَفَّارَةً لَهُ، أَوْ خَوْفاً يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَوْلَةِ الْبَاطِلِ، أَوْ يُشَدَّدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَيَلْقَى اللَّهَ طَاهِراً مِنَ الذُّنُوبِ، آمِناً رَوْعَتُهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام‏".
وفي كتاب المؤمن -وهو من كتب الحسين بن سعيد المشهورة التي عليها المعول- في ما قال الصادق عليه السلام:
"وَ إِنَّ أَدْنَى مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ أَنْ يَعُقَّهُ وُلْدُهُ وَ إِخْوَتُهُ وَ يَجْفُوَهُ إِخْوَانُهُ، وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُصِيبُ رَفَاهِيَةً فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا ابْتُلِيَ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ، حَتَّى يُخَلِّصَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ السَّعَةِ الَّتِي كَانَ أَصَابَهَا فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ لِيُؤَخَّرَ بِهِ حَظُّهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ فَاصْبِرُوا وَ أَبْشِرُوا".
وهي محمولة على من أصاب رفاهية من حكام الجور من غير أن يكون له وجه شرعي صحيح، فيمحص ويصفى -لعقيدته الصحيحة- ويظفر بما وعد في دولة الحق المنتظرة.

ولو ترك الشيعة سبل أئمتهم السادة عليهم السلام واتبعوا رأي الخارجين والمعارضين والثائرين، لم يزدادوا إلا استئصالا ونفيا وقتلا، ولو متعوا حينا من الزمن لم يلبثوا حتى تأتيهم دولة الباطل بأشد من الأولى؛ إذ كيف تقوم للحق دولة وإمامهم مستور ولأمره منتظر، ولشيعته آمر بالصبر والانتظار وإصلاح النفس حتى يأذن الله، فلا دولة لهم قائمة إلا وانكسرت رايتها، ولا تمن لهم في حكم براية الحق والتشيع لأهل البيت إلا واضمحل، ويوؤده زيادة على ما سبق:
ما رواه الكليني في الكافي عن أحمد بن محمد بن خالد عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَيْبٍ وَ أَبِي إِسْحَاقَ الْخَفَّافِ، عَنْ رَجُلٍ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: «لَيْسَ لِمُصَاصِ شِيعَتِنَا فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ إِلَّا الْقُوتُ، شَرِّقُوا إِنْ شِئْتُمْ أَوْ غَرِّبُوا لَنْ تُرْزَقُوا إِلَّا الْقُوتَ».
والمصاص ما خلص من الشيء، وهم الشيعة الذين بقوا على الاعتقاد بالدولة وإمامة الغائب المستور عليه السلام.
وليس على الشيعة إلا الصبر وانتظار الفرج حتى تقر عيونهم، فقد وقع بخط أبي الحسن الرضا عليه السلام جوابا على من اشتكى من شيعته الأذى:
" إِنَّ اللَّهَ- تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏- أَخَذَ مِيثَاقَ أَوْلِيَائِنَا عَلَى الصَّبْرِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ، فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، فَلَوْ قَدْ قَامَ سَيِّدُ الْخَلْقِ لَقَالُوا: «يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ".
وسيد الخلق هو القائم المهدي عليه السلام، والصابرون راجعون معه في دولته، ومر عليك ما في المكاتبة المشهورة: " فَإِنَّا نُحِيطُ عِلْماً بِأَنْبَائِكُمْ وَ لا يَعْزُبُ عَنَّا شَيْ‏ءٌ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَ مَعْرِفَتُنَا بِالذُّلِّ الَّذِي أَصَابَكُمْ مُذْ جَنَحَ كَثِيرٌ مِنْكُمْ إِلَى مَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَنْهُ شَاسِعاً، وَ نَبَذُوا الْعَهْدَ الْمَأْخُوذَ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ"، وأكدت هنا بقوله عليه السلام: " إِنَّ اللَّهَ- تَبَارَكَ وَ تَعَالى‏- أَخَذَ مِيثَاقَ أَوْلِيَائِنَا عَلَى الصَّبْرِ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ".
فأين نذهب برأينا وننبذ عهدهم وراء ظهورنا !، وكيف نجعل الأهواء إمامنا وننسج من الأوهام عقيدتنا، لا والله، ما أفلح قوم نبذوا كتاب الله وعترته أبدا، فالله الله في وصايا العترة فإنها الحبل الممدود واللسان الناطق بما في الكتاب المنزل، سفينة النجاة والمستقيم من الصراط.

......... يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق