4- [أخبار الأمر بالمعروف لا تشمل السلطان ذي السوط]

4- [أخبار الأمر بالمعروف لا تشمل السلطان ذي السوط]

وقد احتج البعض بعمومات وإطلاقات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تعطيل هذه الفريضة تعطيل لأكبر فرائض الدين، كالمأثور من قول الرضا عليه السلام:
"لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَتَنْهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَوْ لَيُسْتَعْمَلَنَّ عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ، فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ، فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُم‏".
وجوابه للمتبع ومن له أدنى مطالعة للأدلة من كلام أهل العصمة عليهم السلام لا يخفى؛ فإن العمومات والإطلاقات والتشديد لنهي عن كل منكر خصصتها أدلة التقية وأدلة النهي عن القيام والمعارضة في عصر الغيبة وقد تقدمت، بل تخصصها أدلة شروط القدرة على النهي والأمر، بل إن وضوح الأمر عند المتقدمين من أصحابنا الفقهاء والمحدثين جعلهم لا يوردونها في كتبهم كشبهة تستحق الوقوف لحلها عند الشيعة، وقد تنبه لها الشيخ الكليني رحمه الله، فرتب في كتابه الكافي -في كتاب الجهاد- روايات باب الأمر بالمعروف قبل روايات باب إنكار المنكر بالقلب، وفيه جواب واف كاف، بيانه:
أن لا اختلاف ولا تهافت بين وجوب رد المنكر والنهي عنه مطلقا، وبين النهي عن معارضة السلطان الجائر عصر الغيبة والاستضعاف للمؤمنين؛ فإنه متحقق لا محالة مع إنكاره بالقلب، وهو أدنى مراتب الوجوب بحسب شروطه.
لذا روى الشيخ الكليني في الباب المذكور قال:
" عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ يَحْيَى الطَّوِيلِ صَاحِبِ الْمِنْقَرِيِّ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: «حَسْبُ الْمُؤْمِنِ عِزّاً إِذَا رَأى‏ مُنْكَراً أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ- عَزَّ وَ جَلَّ- مِنْ قَلْبِهِ إِنْكَارَهُ».
وَ بِهذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ:
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: «إِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ يُنْهى‏ عَنِ الْمُنْكَرِ مُؤْمِنٌ فَيَتَّعِظُ، أَوْ جَاهِلٌ فَيَتَعَلَّمُ، وَ أَمَّا صَاحِبُ سَوْطٍ أَوْ سَيْفٍ، فَلَا».
وعَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ يَزِيدَ:
عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، قَالَ: قَالَ لِي: «يَا مُفَضَّلُ، مَنْ تَعَرَّضَ لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ، فَأَصَابَتْهُ بَلِيَّةٌ، لَمْ يُؤْجَرْ عَلَيْهَا، وَ لَمْ يُرْزَقِ الصَّبْرَ عَلَيْهَا».

........  يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق