12- [لا وجود لأخبار مادحة للزيدية والثوار]

12- [لا وجود لأخبار مادحة للزيدية والثوار]

واستدل بعض من لا خبرة به بالحديث من المتكلفين هداهم الله للصواب، بأخبار أولهّا على المدح للثائرين والقائمين في زمن الهدنة.
منها: ما رواه ابن إدريس في مستطرفاته عن أصل أبي عبد الله السياري -روى عن الكاظم والرضا عليهما السلام، وفيه ضعف في الحديث لا يعتمد على ما انفرد به- عن رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ:
"ذُكِرَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ خَرَجَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ
فَقَالَ ع: لا أَزَالُ أَنَا وَ شِيعَتِي بِخَيْرٍ مَا خَرَجَ الْخَارِجِيُّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَ لَوَدِدْتُ أَنَّ الْخَارِجِيَّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ خَرَجَ وَ عَلَيَّ نَفَقَةُ عِيَالِه‏".
وهذا الحديث على ضعفه لا مدح فيه للخارجين والثائرين؛ فإنهم عليهم السلام ذموهم في نصوص أخر عديدة، منها خبر أبي الجاورد الذي مر عليك، قال فيه عليه السلام: " وَ إِيَّاكَ وَ الْخَوَارِجَ مِنَّا"، وأنهم لا يزالوم وقاء للشيعة كما في قوله عليه السلام: " كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ وَ الْزَمُوا بُيُوتَكُمْ فَإِنَّهُ لا يُصِيبُكُمْ أَمْرٌ تُخَصُّونَ بِهِ أَبَداً، وَ لا تَزَالُ الزَّيْدِيَّةُ لَكُمْ وِقَاءً أَبَداً".
ولو أنصف المستدل نفسه وسلم للحق لما احتاج لأن يلوي عنق الأحاديث لمبتغاه، وليس هذا من سلكه أهل العلم ولا عرف عن أهل الحق.

وأضعف الأقوال ما تمحله بعض من سلك هذا المسلك أخيرا، فإنه أفتى بالجواز التخيري للخروج على الظالم ومعارضته في أصل حكمه ومنازعته في سلطانه ولو أفضى لما أفضى إليه في عصر الغيبة وهدنة المؤمنين، غرَّه بذلك قول الباقر والصادق  عليهما السلام لزيد: إن شئت أن تكون المصلوب في كناسة الكوفة فشأنك !.
وما أمج هذا القول وضعف علم صاحبه -سامحه الله- بالأدلة !، فقد خرق إجماع الطائفتين المركب: المتعبدة بوجوب الانتظار والسكوت والقائلة بوجوب الخروج -والثورة والمعارضة للسلاطين في حكمهم- على الكفاية!، وليس هناك قول ثالث بالإباحة التخييرية!.
ولا حاجة للإطالة في دفع هذا الوهم، وقد تبين بما لا مزيد عليه: أن قولهم عليهم السلام ذاك -في استشارة زيد لهم- كان مدحا له من جهة تدينه وخلوص نيته ليميز عن بقية الخارجين، لا تصويبا لعمله وشبهته، ومن لم تقنع وتطيب نفسه بتلك الأحاديث الطاهرة الآنفة، لم يغنه شيء ولم يمنعه أمر أو نهي عن التجرؤ بالرأي وتحكيم الهوى في الفتوى.
أعاذنا الله من مضلات الآراء وما زاغ من الأهواء، فلا تعجل في الحكم فتقرأ هذه الرسالة من آخرها فتغيب عنك أقوال المعصومين أولها، ولا تقطف الشوك فيها فتذهب عنك نفحات عطرها، وألن قلبك لمن صلى الله عليهم وأمرنا بالتسليم لهم تسليما.
يتبع ,,,,,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق